المقدمة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له. سبحانه و تعالى، انزل الداء و انزل الدواء و جعل مصادر الدواء في متناول الجميع و في كل فصول السنة و في كل بلدان العالم.
و اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، و اشهد أن محمدا عبده و رسوله خير من بلغ عن ربه، كشف الله به الغمة و تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا صلوات ربي و سلامه عليه..
ثم أما بعد...
فقد خلق الحق تعالى الإنسان بقدرته، و سخر له كل شيء بحكمته، و من جملة ما سخر الله تعالى للإنسان : النحل، فهي تعمل لخدمته وتجتهد لمنفعته، النحل، ذلك المخلوق الضعيف الذي يخرج الحق سبحانه من بطولها شراب جعل فيه شفاء لكل داء.
و لقد كرم الله سبحانه النحل و رفع قدره على كثير من مثله، و تمثل تكريم الرب جل و علا للنحل، بتخليد ذكره بأن جعل سورة في القران العظيم سميت باسمه سورة النحل، و هي درجة في التكريم ما بعدها من تكريم.
و لقد أقرت السنة المطهرة منزلة النحل العالية بقوله صلى الله عليه و سلم : " الذبان في النار، يجعلها الله عذابا لأهل النار إلا النحل".
ولقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنحلة فقال: "المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا، وقعت فلم تكسر ولم تفسد".
و يثني النبي صلى الله عليه و سلم على بلال فيقول: "مثل بلال كمثل النحلة غدت تأكل الحلو و المر، ثم هو حلو كله"، فلا تملك إلا سجدة شكر للمنعم الكبير واهب النعم، الذي جعل في شراب النحل شفاء لكل داء و الصلاة و السلام على خير الخلق محمد صلى الله عليه و سلم القائل: "تداووا أيها الناس فان الذي أنزل الداء، انزل الدواء".
لقد أمرنا الله بالمحافظة على النفس، و حفظ النفس لا يكون إلا بالوقاية و التداوي من الأمراض و العلل، و على ذلك حض معلمنا الأول، النبي الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.
و شاءت إرادة الله أن يستخرج الشفاء من بطن تلك الحشرة الضئيلة، التي لا ينظر إليها، و لا يعتد بها.
وفي الصفحات التالية نغزو عالم النحل لنكشف عن أسراره وأسرار هذا السائل العجيب الذي كان سبيلا ولا يزال في علاج كثير من الأمراض وتسكين الأوجاع.