تربية النحل عندما تكون في الحديقة على المرج الأخضر أو بين الأشجار، ثبت نظرك لدقيقة على الأزهار لترى أشكالا ساحرة و ألوانا متنوعة، و سترى بدون شك نحلا يطير من زهرة إلى زهرة.
هل يجمع النحل يا ترى الرحيق أم انه يجمع غبار الطلع – غذاؤه الزلالي – الذي يلتصق بجسمه المشعر بمئات الألوف،و هو الأجزاء المذكرة للنباتات، فتترك دون إرادتها قسما منها كلما زارت زهرة كما تأخذ منها أيضا من غبار طلعها، و هي تعمل بذلك على تصالب النباتات و إخصابها و تحسين نوعها فلا يمكن تصور عالم النباتات بدون النحل فهو جوهر الطبيعة.
يعطي النحل للإنسان العسل الذي لا يقارن بشيء في خواصه الغذائية و العلاجية، و قد عرف الإنسان طعمه و فائدته منذ العصور القديمة و سعى للحصول عليه من النحل البري قبل إن يبدأ الصيد و النشاطات الأخرى.
بعد ذلك اخذ الإنسان يتعلم ليس فقط كيف يقطف العسل البري، و إنما كيف يربي النحل في مزرعته و تحت ناظريه. و قد نمت و اتسعت تربية النحل بحيث أصبحت احد الفروع الرئيسية للاقتصاد الوطني و احد الهوايات الممتعة لكثير من الناس .
الاحتكاك بالنحل يجعل الإنسان أكثر معرفة بالطبيعة و إحيائها، و ينمي عنده الملاحظة و الفضول لمعرفة أجوبة عن كثير من الأسئلة التي تظهر باستمرار.
العمل في المنحل ، حيث الهواء النقي المليء بعبير الأزهار، يمنح النحال الصحة و النشاط و يفيد كثيرا من الناس خاصة أصحاب العمل الفكري، و يجب إن نقول منذ البداية: تربية النحل ليس تسلية بل عملا ، و هو عمل غير قليل كما انه ليس سهلا . فالحصول على العسل يحتاج إلى جهد من كل من النحل و النحال . و كما يقول المثل الروسي: إذا بدأت في تربية النحل ... فلا تركن إلى الكسل.
لذلك، و لكي ينجح الإنسان في تربية النحل، فانه يجب إن يكون نبيها و حذيقا و لبيبا، ومع كل هذا هادئا. لذلك يقول الناس: لا يعيش النحل عند الرجل الأحمق.
نحل العسل كائن عجيب بحق ، فقد حاك حوله الأساطير و الحكايات و نظم الشعر و النثر في مختلف الأزمنة و لدى مختلف الشعوب.
انتظام حياة النحل و مقدرته الفائقة على العمل ، نظامه الهندسي العجيب و بنائه للنخاريب الشمعية و طريقته في التكاثر ، و غيرها كثير من الأمور التي كانت سرا و مجالا للتخمين و التصور ، أصبحت ألان معروفة للإنسان ، و مازال هناك الكثير مما يتوجب كشفه و معرفته عن النحل.