تؤكد المنظمات الدولية ومراكز الأبحاث أنّ تلوث البيئة يمثل خطراً حقيقياً خلال السنوات المقبلة، إذ تتكاثر العوامل المهددة بالجوع والأمراض وزيادة الوفيات جراءه.
في السنوات القليلة الماضية، عُقدت العديد من المؤتمرات الدولية، بهدف إيجاد حلول مشتركة بين الحكومات لإنقاذ البيئة، ومواجهة التغيرات المناخية الطارئة. وتوصل قادة العالم إلى اتفاقات للحد من تلوث البيئة عبر تقليص انبعاث ثاني أوكسيد الكربون، والاعتماد على الطاقة البديلة.
وبحسب الأرقام الصادرة عن مؤسسة "ستاتيستا"، فإنّ الصين تعتبر أكبر دولة منتجة لغاز ثاني أوكسيد الكربون، العدو الأول للبيئة، إذ يصل إنتاجها إلى نحو 28 في المائة من الإنتاج العالمي، تتبعها الولايات المتحدة بنحو 15.99 في المائة، فالهند 6.24 في المائة، وروسيا 4.53 في المائة، واليابان 3.67 في المائة، ثم ألمانيا 2.23 في المائة، ثم إيران بنحو 1.71 في المائة، والسعودية بنحو 1.56 في المائة.
منذ قيام الثورة الصناعية (1760)، بدأت علامات تدهور البيئة تظهر بشكل واضح، وخلال القرن الماضي، زادت المشاكل البيئية، وباتت تهدد حياة الملايين حول العالم. مسببات التلوث، منها ما هو متعلق بارتفاع حدة الغازات في الهواء كثاني أوكسيد الكربون، وعدم تدوير النفايات الصلبة، والنفايات الإلكترونية، بالإضافة إلى ارتفاع حدة الإشعاعات، ويمكن تفصيلها كالتالي:
1-النفايات المصدر الأكبر لتلوث البيئةتعتبر النفايات أحد أكبر مصادر تلوث البيئة. سنوياً، يتكبد العالم خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع حجم إنتاج النفايات، وتقدر الخسائر السنوية الناتجة من عزوف الدول عن الاستثمار في هذا المجال بالمليارات. وكانت دراسة صادرة عن جامعة الدول العربية عام 2012، تناولت حجم الخسائر التي تتكبدها الدول العربية سنوياً نتيجة عدم تدوير المخلفات، وقد بلغت نحو 5 مليارات دولار أميركي، وبحسب الدراسة، فإنّ كمية المخلفات في الوطن العربي تبلغ أكثر من 89.6 مليون طن سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النفايات الإلكترونية أيضاً تساهم في تلوث البيئة، وتزيد من حدة المخاطر التي تصيب الإنسان. وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، فإنّ المخاطر البيئية الناشئة كالنفايات الإلكترونية والكهربائية (مثل الهواتف المحمولة القديمة) التي يعاد تدويرها بشكل غير صحيح، تعرّض الأطفال للسموم التي قد تفضي إلى انخفاض درجة الذكاء، وقصور الانتباه، وتلف الرئة، والسرطان. ومن المتوقع زيادة توليد النفايات الإلكترونية والكهربائية بنسبة 19 في المائة بين عامي 2014 و2018، لتصل إلى 50 مليون طن متري بحلول عام 2018.
2- انبعاثات ثاني أوكسيد الكربونالانبعاثات التي تستنزف طبقة الأوزون وتسبب تآكلها من أكثر العوامل التي تسبب تلوث للبيئة، وفي السنوات الماضية، علت أصوات قادة العالم لإنقاذ طبقة الأوزون، عبر الحدّ من إنتاج الغازات السامة، وأهمها ثاني أوكسيد الكربون. ويسبَّب تآكل طبقة الأوزون بتسرب جزء من الأشعة الضارة كالأشعة فوق البنفسجية، وهو ما ينعكس سلباً على جميع الكائنات الحية.
3- الغازات السامة تلوث الهواءيعتبر تلوث الهواء الناتج من ارتفاع حدة الغازات السامة، من العوامل الرئيسة التي تلوث البيئة. يتسبب تلوث الهواء في وفاة ملايين من البشر حول العالم. وبحسب تقرير أعدته "منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي"، في العام 2016 فإنّ تلوث الهواء الخارجي يقتل أكثر من 3.5 ملايين شخص سنوياً، وبهذه النسب يصبح تلوث الهواء السبب الرئيسي في الوفاة المبكرة بالرغم من جهود بعض الدول في محاولة التخفيف منه مثل النرويج والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وهولندا وبريطانيا. وبحسب بيانات البنك الدولي، فإنّ تلوث الهواء يكلف الاقتصاد العالمي نحو 225 مليار دولار سنوياً.
ووفقاً لدراسة قام بإعدادها كل من البنك الدولي ومعهد القياسات الصحية والتقييم بعنوان "تكلفة تلوث الهواء: تدعيم المبرر الاقتصادي للتحرك" في عام 2016 والتي تسعى إلى تقدير تكلفة الوفيات المبكرة بسبب تلوث الهواء، وذلك لتسهيل اتخاذ القرارات في سياق ندرة الموارد؛ فقد توفي نحو 125 ألف شخص في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2013 بسبب أمراض مرتبطة بتلوث الهواء خارج المنزل وداخله، ما تسبب في معاناة البشرية والحدّ من التنمية الاقتصادية. تعتبر مصر وإيران من بين البلدان الأكثر تضرراً، سواء في أعداد الوفيات التقديرية والتكلفة الاقتصادية. ويتعرض نحو 90 في المائة من السكان في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لمستويات خطيرة من تلوث الهواء. ويأتي تلوث الهواء من مصادر عديدة بما في ذلك الغبار والأتربة والأدخنة والأبخرة والغازات، والقطرات السائلة المجهرية، وحتى المعادن الثقيلة.
الفقر أكثر تأثراً (مامونور رشيد/ Getty)
4- مواد كيميائية تلوث المياهيسبب تلوث المياه ارتفاع حدة الوفيات عالمياً، ويعتبر من العوامل الرئيسة المهددة للتدهور البيئي. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنّ نحو ملياري شخص في جميع أنحاء العالم لا يتمكنون من الحصول على مياه نظيفة. ويوضح تقرير نشرته المنظمة حول مياه الشرب لعام 2017، أنّ بلدان العالم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، زادت ميزانياتها المخصصة للمياه والنظافة بمعدل سنوي يبلغ 4.9 في المائة. وتتسبب المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي سنوياً في وفاة نصف مليون إنسان.
ووفق منظمة الصحة، ينقسم التلوث المائي إلى نوعين رئيسيين، الأول هو التلوث الطبيعي، ويظهر في تغير درجة حرارة الماء، أو زيادة ملوحته، أو ازدياد المواد العالقة. والنوع الآخر هو التلوث الكيميائي، وتتعدد أشكاله كالتلوث بمياه الصرف، والتسرب النفطي، والتلوث بالمخلفات الزراعية كالمبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية.
5- التغير المناخيتبقى الإشارة إلى أنّ أحد التحديات الرئيسية التي تواجه عالمنا اليوم هو التغير المناخي، وما يستتبعه من نتائج سلبية تصيب الكائنات الحية. وبحسب بيانات البنك الدولي، سيشكل التغير المناخي تهديداً لنحو 100 مليون شخص حول العالم، بحلول 2030، ما يفرض تحديات كبيرة تلقي بظلالها على جهود التنمية. وحذر البنك الدولي في كثير من المناسبات، من العواقب المستقبلية للتغير المناخي في ظلّ ضرورة تلبية الحاجات الغذائية لنحو 9 مليارات شخص بحلول 2050. كذلك، تشير نتائج دراسة أجراها البنك الدولي عام 2016، عن مخاطر ارتفاع حدة التغير المناخي على الاقتصاد العالمي، إلى أنّ متوسط الدخل العالمي سينخفض بنسبة 23 في المائة أقل، بنهاية القرن الحالي. ومن الأعراض السلبية لزيادة حدة التغير المناخي، تزايد ارتفاع درجات الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة أمراض الربو لدى الأطفال والمسنين.
الجديد العربي