ما الأذكار التي إذا أتى بها العبد كان من الذاكرين الله كثيرا ؟
” والمراد بالذِّكر هو إحياء القلب؛ لأنَّ ممَّا يُحيَى به قلبُ الإنسان: ذِكْرُ الله عز وجل، وفِي «الصَّحيحين» مِن حديثِ أبي موسَى رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ».
فجعلَ الفرقانَ بين حياة القلبِ وموتِه: حصولُ ذِكرِ الله سبحانه وتعالى، فمِن أعظم ما يُمَدُّ به القلبُ فِي حياته: أن يكثِرَ العبدُ ذكرَ الله سبحانه وتعالى.
وأكمَلُ مواضعِ الذِّكرِ: ما رتَّبته الشَّريعة، والشَّريعة رتَّبت دُبُر الصَّلواتِ المفروضةِ والمُتَنفَّلِ بِها أذكارًا مُعيَّنةً.
فمَن أراد حياةَ قلبِه فليحافِظْ على هذه الأذكار، فإنَّه يكون مِن جملة الذَّاكرين الله كثيرًا، فإنَّ العلماء مُختلِفُون فِي حقيقةِ اسمِ (الذَّاكرِ لله كثيرًا).
وأحسن الأقوال: ما ذهب إليه أبو عمرٍو ابنُ الصَّلاح، وارتضاه أبو العبَّاس ابن تيميَّة وتلميذُه ابن القيِّم؛ أنَّ مَن حافظَ على الأذكار المُوظَّفَة فِي اليوم واللَّيلة فِي مواقِعها كان مِن الذَّاكرين الله كثيرًا.
فمثلًا: إذا استيقظَ الإنسانُ قالَ ذِكْرَ الاستيقاظِ، وإذا أراد أن يأكُلَ قال ذِكْرَ الأكلِ بَدْءًا وختمًا، وإذا أراد أن يشربَ قالَه، وإذا أراد أن ينام قالَه، وإذا أصبح قال الأذكار الواردة، وإذا أمسى قال الأذكارَ الواردةَ، وإذا عَطسَ قال الذِّكر الوارد، وإذا دخل الخلاء وخرج منه قال الذِّكر الوارد؛ فمَن حافظ على الأذكار المُوظَّفة فِي مواقعها ممَّا يتكرَّر فِي اليوم واللَّيلة، فهذا ممَّن يُرْجى أن يكون مِن الذَّاكرين الله كثيرًا.
وإذا حظي العبد بِهذه الرُّتبة – وهي ذِكرُ الله كثيرًا – حصَّل السَّبق عند الله عز وجل، والسَّبقُ بالطَّاعات يُورِثُ العبدَ السَّبق بالمآلات.
وفِي «صحيح مسلمٍ» مِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ»، قَالُوا: «وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟»، قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ».
فمِن أعظم ما يُحرَزُ به السَّبقُ: كثرةُ ذكرِ الله سبحانه وتعالى”.
للشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي.