أنا رايحة بيت أهلي !!
سألتُها: منذ متى وأنتِ في بيت أهلك ؟
قالت: منذ 8 شهور.. وربما أكثر !!
سألتُها: هل هي المرة الأولى ؟!
قالت: لا.. بل زعلت في بيت أهلي أكثر من مرة منذ زواجنا قبل عامين!
سألتُها: وما سبب المشكلة هذه المرة؟
قالت بحزم: زوجي منعني أن أزور قريبة لي.. فتشاجرنا وخرجتُ من بيتي غضبى إلى بيت أهلي !
سألتُها: ومتى تنوين الرجوع؟
قالت بشموخ: عندما يأتي زوجي ويصالحني ويأخذني ليعيدني إلى بيتي معززة مكرمة..
سألتُها: حسنا.. ولماذا لا تعودين بنفسك إلى بيتك كما خرجتِ منه؟
شهقت مستنكرة: وهل تريدين أن يغضب منّي أهلي أو يشمت بي أهله ؟!
سألتُها: وهل هناك أمل في أن يأتي زوجك ويأخذك بعد أن تجاهلك كل هذه الأشهر ؟!
ترددت وقالت: ربما إن أرسلت له رسالة موبايل.. !!
أريدك أن تساعديني في صياغة رسالة مناسبة تجعله يأتي ويأخذني!
سألتُها: وهل أرسلتِ له من قبل ليأتي ويرحم حالك؟
قالت بقلق: نعم.. لكنه لم يرد على أي رسالة مني حتى الان!
قلتُ في نفسي (على الاغلب لا يقرؤها فهو يعيش في عالم آخر الان)
سألتُها: طيب.. ماذا كتبتِ في رسائلك لتشجعيه على أن يأتي ويأخذك؟
قالت (بما معناه): قلتُ له أنه إذا كان مقدّرٌ لنا أن نكمل مشوارنا معاً فالله سيقدّر لنا ذلك.. ولا أريد أن أفرض نفسي عليك!
ولا تسألنّ عن حالي.. وقتها… فقد كنتُ اعض على النواجذ من الغيظ!!!!!??
حقيقة لا أفهم ما سر هذه الموضة الدارجة بين الزوجات؟ ??
يعني تظن كثير من الزوجات “النبيهات” في مجتمعاتنا، أن أسرع طريقة.. وأفضل حل.. وأنجع علاج للزوج الناشز، هو أن تعلن الحرب على زوجها وتغادر إلى بيت أهلها وهي ترغي وتزبد.. ومن ثم تجرجره إلى محاكمات ومحاسبات أبيها وأخوتها ، ليعيدها إلى بيتها معززة مكرمة، مُجددا العهد بالسمع والطاعة، ومكفرا عن ذنوبه بالجملة والجماعة!
الأمر أشبه بطفلة مدللة.. أخذ أحدهم لعبتها.. فأتت لوالدها تبكي ومصاصتها في يدها قائلة: بابا شوووف أخذ لعبتي.. تعال ورّيه يا بابا!
وياستي.. ربي يخليلك البابا والماما كمان..
لكن ماذا نقول؟؟!!
يدهشني هذا الكم الهاائل من المشاكل التي قامت على ترك الزوجة لبيت الزوجية..
ويصدمني أكثر السبب الذي دفعها لترك بيتها.. والمدة التي تقادمت على هذا السبب.. فما عاد ولا بقي سببا بعد الان!!!
نعم هناك مشاكل متشعبة شائكة، تصل إلى الضرب والتعدي الجسدي، وهو السبب الوحيد الذي أراه مناسبا لترك الزوجة لبيت زوجها، لأنه ما عاد زوجا وشريك حياة، بل أصبح خطرا عليها يهدد حياتها..
فيما عدا ذلك.. أسباب مثل: الخيانة.. الإهانة البخل.. العصبية.. انعدام المثالية.. الكذب.. البطالة.. عدم الإنفاق ، أهل الزوج ومشاكلهم الخ الخ
كلها في نظري لا يصلح معها حل: رايحة بيت أهلي تعال صالحني ??
لماذا؟
لأنك عندما تتركين بيتك إلى بيت أهلك ترسلين الى زوجك ثلاث رسائل مفادها:
1. اذهب وأصلح مشاكلك .. وعد إليّ بعد أن تجهز.. فأنا لستُ على استعداد لإصلاحك !
2. حتى لو أصلحت نفسك.. سأفضحك امام أهلي وأهلك حتى لا تحدثك نفسك بأن تفعلها مرة أخرى !
3. لا أثق بحلول مشاكلي معك في بيتي.. وأحتاج شهود عيان في بيت أهلي لحلول مشاكلي معك!
هذه هي الرسائل الثلاثة التي تصل إلى الزوج عندما تتركين بيتك.. وصدقيني.. قد - أقول قد - يتحامل على نفسه ويعيدك من بيت أهلك على مضض، متغاضيا عن تعليقات أبيك أو نغزات إخوتك ..
لكن..
لا تظني أنه سيكررها معك مرة أخرى مهما كان الثمن!
لأن الموقف أصعب عليه من أن تتخيليه ويتخيله أهلك ، ولأن الرجل بطبيعته، يرفض الاعتراف بالخطأ أمام الملأ، لكنه على استعداد أن يعوض عليكِ خطأه بصمت بين جوانح بيت الزوجية..
الطريف ان الزوجة بمجرد ان تشعر بالعزة والكرامة وزوجها يعيدها الى بيتها مع اعتذاره واسفه.. تحب ان تعيد عملية التأديب مرات ومرات.. وتصبح اشبه بـ “سلق بيض” لديها..
والاطرف ان الزوج من بعدها يتعود ويغزوه التبلد الاجتماعي !!
فلا يعد يراجع ولا يعد يسأل.. بل يبدأ باستنشاق عبير الحرية وانعدام المسؤولية!
المضحك ان الزوجة تشعر بالندم وبسخافة اسبابها.. وانها مشردة ضيفة في غير مكانها.. وتصبح في موقف محرج مع اهلها.. وتوسط اهل الخير ليقنعوا زوجها باعادتها “بكرامتها”..
والزوج ولااااا هنا.. ولااااا على باله.. ان عادت تعلمت درسها.. وان لم تعد.. بالناقص مصاريفها واكلها ووجع راسها!!
ماذا ستخسرين بترك بيتك الى بيت اهلك:
1. تخسرين فرصة سانحة للتقارب مع زوجك وفهمه اكثر والعمل على انضاج زواجكما من مرحلة المراهقة الى مرحلة الكمال
2. تخسرين فرصة التواجد بالقرب من زوجك والمحافظة على دفء العلاقة بينكما دون ان يبحث عنها في الخارج بغيابك في بيت اهلك
3. تخسرين فرصة لفهم المشاكل الزوجية وطرق حلها والتعامل معها بهدوء ، وبالتالي التقليل منها في المستقبل 4. تخسرين فرصة التركيز على المشكلة واسبابها، وتجعلين خروجك من بيتك هو المشكلة الرئيسية… للاسف!!!!
ان حل التصادمات والمشاكل الزوجية هي فن قليل من الزوجات من تتقنه او تتجرأ على خوضه، والسواد الاعظم منهن تفضل البقاء في دائرة الراحة، وترك الحلول بيد الاخرين ليتحكموا فيها وفي حياتها مع زوجها!
نعود الى صاحبة قصتنا..
سألتُها: هل هناك مانع ان تعودي للبيت كما خرجتِ منه؟
كررت: لا استطيع.. الجميع سيشمت بي.. ولن ينسوا هذا الموقف ابدا.
قلتُ لها: طيب.. لنفرض انك تحملتِ مسؤولية نفسك.. وتحملتِ عاقبة قرارات خروجك من بيتك لسبب لا يستحق.. وقررتِ اخيرا ان تعودي لبيتك من تلقاء نفسك.. ماذا سيكون شعورك في عشر الدقائق الاولى بعد عودتك؟
قالت: سيكون الامر محرجا جدا.. الجميع سيظنون اني ضعيفة.. وانني رجعتُ ذليلة الى بيتي عندما تجاهلني زوجي!
قلتُ: طيب.. ستعانين عشر دقائق.. وربما اسبوع.. او اسبوعين.. فماذا سيكون وضعك بعد عشرة شهور؟
قالت: سينسى او يتناسى الجميع الموضوع.. وستعود حياتي طبيعية كما كانت قبل خروجي.
قلتُ: وبعد عشر سنوات.. ما هو وضعك؟
قالت: يااااه.. سينتهي الامر تماما ولن يعد له وجود.. وسيكون لدي اطفالي وحياتي مع زوجي!
هنا قلتُ لها: اذن انتِ تريدين ان تتخلي عن حياتك بعد شهور وسنوات من الان.. من اجل 10 دقائق من الاحراج مع الناس؟؟؟؟؟؟؟
اسقط في يدها..
فقلتُ: غاليتي.. انتِ خرجت من تلقاء نفسك .. وعليكِ ان تتحملي مسؤولية قرارك وحدك.. عليكِ ان تتحملي مسؤولية قراراتك التي اتخذتها وتتخذينها.. ولا تلقِ بهذه القرارات في يد غيرك حتى وان كانوا اهلك!
***
كانت لدي صديقة عزيزة جدا.. رحمة الله عليها.. سمعتها مرة تقول: امي اوصتني عند زواجي بالا اغادر بيتي ابدا مهما كانت المشاكل.. وقالت لي بالحرف: مهما كان من زوجك.. لاتتركي بيتك وفراشك.
وكان لجدي رحمة الله عليه 9 بنات.. اذا جاءته احداهن متخاصمة من زوجها.. صبر عليها حتى المساء.. تأكل وتتعشى.. ثم يسألها:
هل تعشيتِ يا ابنتي؟
نعم ابتاه
هل شبعتِ يا ابنتي؟
نعم ابتاه
اذن هلمي وخذي اغراضك واحملي نفسك الى بيت زوجك.. فلا مكان لخصامك هنا!!!!
وها انا اقولها لك ..
اياكِ واياك ان تتركي بيتك لأي سبب كان.. فهناك الف طريقة وطريقة اخرى تعيد الامور الى مجاريها.. وتصلح ما كان منك ومنه، خروجك من بيتك ليس واحدا منها بالتأكيد.
ولكن..
لا توجد طريقة في العالم كله تجبر زوجك على اعادتك الى مملكتك وبيتك مرة اخرى.
عندها لا ينفع الندم.. فقد يكون طار العصفور من عشه!!??
* منقول من مدونة استروجينيات
الكاتب : أ. خلود الغفري