العقاب التقليدي لا يعدل سلوك أبنائنا
تتعدد المشكلات عن الأطفال , فكل منهم يعاني سلوكا يختلف عن الآخر , فمن المشكلات الشائعة بين الأطفال , العصبية , العناد , العدوان , الغيرة , الكذب , الانطواء , ضعف الثقة , زيادة الحركة , الخجل , البكاء , رفض الذهاب للمدرسة , وغيرها الكثير .
بعض المشكلات يكون سببه الرغبة في جذب الانتباه , وبعضها يكون سببه القلق والتوتر , وبعضها يكون سببه الخوف من العقاب , ومنها ماهو بسبب الضغوط النفسية التي يتعرض لها الطفل كالقسوة الزائدة , والحرمان , وفقد الدفء الأسري , وقد يكون اسبابها بعض المشاكل الصحية لدى الطفل , أو التدليل الزائد , أو عدم التسوية بينه وبين إخوانه , أو الكبت والتضييق , أو فقدان الطفل أحد والديه أو غير ذلك كثير
الظروف الاجتماعية غير السوية تشكل عند الطفل ردود أفعال غير طبيعية فتنتهي به إلى اضطراب في السلوك , وللأسف يتجاهل الوالدان كل هذه الأسباب ويتجهون إلى عقاب الطفل عندما يرتكب سلوكا يرونه خطا , فكيف يقف الطفل عن الخطأ والسبب مازال مستمرا ؟!
اعتاد بعض الآباء اتباع الطرق التقليدية للعقاب , وهي وسائل معظمها خاطىء وتستخدمها الكثير من الأسر , وعادة ما تؤذي الأطفال جسديا أو نفسيا , كالضرب , والانفعال ,والعصبية , والصراخ , والشتم , غير النظرات الحادة , والبعض يُحزن قلب الطفل ويكسره بالمقارنة بينه وبين أقرانه , والبعض عندما يصل به الحال أن يستخدم طريقة الحبس , أو طريقة الطرد ..!!
كل هذه الطرق لا تحصد إلا ضررا مختلفا ألوانه , فكثير من الأبناء يتأثرون تأثرا سلبيا بهذه الطرق , فيعود عليهم بالاضطراب السلوكي , فيظهر في المشكلات الدراسية وتأخرهم الدراسي , والبعض يتعرض إلى طرق الانحراف , وهروبه من البيت , وبعضهم يعود عليهم بأمراض نفسية , كالخوف , والقلق ,والاضطرابات المتعددة غير عدائه للآخرين .
فهل نترك الأبناء إذن دون عقاب ؟ !
الأمر ليس كذلك , ولكن هناك بدائل عقابية لتعديل سلوك أبناءنا , وهي طرق علمية مقبولة , بدون إيذاء جسدي أو نفسي , وأمور يجب مراعاتها أثناء ذلك , أختصر لك نماذج تطبيقية منها باختصار :
1-علينا أن ننتبه ألا نعاقب أبناءنا لحظة غضبنا , فلابد أن نتمالك أعصابنا حتى نهدأ , وأيضا لا نعاقب الابن أثناء ثورة غضبه , أي عندما يسلك سلوكا غير مرغوب فيه , و حتى لا يقع عليه ظلم لا يستحقه ولا يساوي ما فعله.
2-أن نستمع لحكاوي الطفل , وشكواه , والاهتمام بطرح بعض الاسئلة البسيطة أثناء الحديث معه بطريقة بسيطة , فبسرد المواقف التي يتعرض إليها نقدم له النصح أولا بأول .
3- يجب أن نراعي عدم الإكثار من التوبيخ إلا عند الحاجة الماسة , وعدم الاستهزاء , والسخرية , وعدم استخدام وسيلة الضرب , بل نتأسى بالصالحين في تعليق العصى أمام الأبناء فقط دون استخدامها إلا في الضرورة مع عدم الضرب المبرح , ولا نهدده ولا نخيفه , ولا نستخدم لغة القوة والسلطة .
4-ويجب تعليم الطفل عادات حسنه بدلا من العادات السيئة , والاهتمام بالأمور العبادية عنده , بالمحافظة على الصلوات بطريقة محببة للصلاة وليس بطريقة الضغط , واصطحابه في الأعمال الخيّرة كتوزيع صدقات على الفقراء , أو مساعدته على ترديد الأذكار اليومية , وتذكيره بها في صورة جماعية أو غير ذلك .
5-عدم تجاهل الابناء أو الانشغال عنهم بسبب دوامة الحياة , بل التقرب إليهم ومصاحبتهم , واللعب معهم , فمتابعة الابن مسؤولية الأبوين معا .
6-يجب علينا عدم توقع تحسن سلوك الابن بسرعة , ولكن علينا أن ننتبه أن الأمر يحتاج للصبر , والتحسن لا يكون إلا تدريجيا , ولا يمكن أن نزرع شوكا وننتظر أن نحصد ثمرا يانعا , بل يجب أن نقوم نحن سلوكنا معهم ثم ننتظر الأثر
7-الدعم النفسي والمعنوي لابد منه للابن , فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان , فلابد أن نستخدم لغة التحفيز والترغيب عندما نرى سلوكا طيبا , فمثلا نزيد مصروفه , أو نشجعه بشيء يحبه من شراء هدية له , أو الخروج معه لنزهة والترفيه و مع الكلمات التشجيعية ونظرات الرضا وبسمات الإعجاب وغيره
8-يجب الوفاء بالوعود التي نعدها للأبناء فلا يصح الغفلة عن إعطائه المكافآت التي وعد بها وإلا سقط قيمة الوعد في عينيه
9-تعزيز معنى الصدق في قلب الابن منذ الصغر حتى لا يلجأ للكذب خوفا من العقاب .
10-عند خطأ الابن الشديد أخلاقيا أو دينيا يجب اشعاره بأن الأبوين يتألمان لما فعله , فإن لم يهتم فهجره يوما , أو يومين دون الحديث معه , كذلك فعدم الكلام أو الطعام معه يعتبر نوعا من أنواع العقاب الحاد بل أشد من الضرب بكثير .
11-الحرمان نوع من أنواع العقاب , كحرمانه من مصروفه يوما أو يومان , أو حرمانه من الذهاب لرحلة كان يريدها , أو غير ذلك , مع مراعاة عدم حرمان الطفل مدة كبيرة , أو الزيادة في العزل عنه والتجاهل له , لأنه قد ينقلب الأمر لضده .
ليتنا نعلم أن الصغير يشعر كما يشعر الكبير , ويحزن كما يحزن الكبير بل أكثر , وعلى هذا الأساس يجب أن نعامله .
أميمة الجابر/ موقع المسلم