كفرانُ العَشِيرِ جُرمٌ خطيرٌ
عنْ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ. قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ".
فهذا الحديثُ يبيِّنُ فيهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طبيعةَ كثيرٍ منَ النساءِ، وإذا كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُوصِي الرجالَ فيقولُ: "لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً إذا كرِهَ منها خُلقَا، رضِي منها خُلقًا آخرَ"، فهوَ هنا يُنبِّه النساءَ بالتحذيرِ من الخُلقِ السيئِ، يقولُ: لو أحسنتَ إلى إحداهُن الدهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئًا، معناه أنهُ عاشَ معَها سنواتٍ طويلةً فَلا يُمكنُ أن يُحسنَ الرجلُ إلى زوجتِه الدهرَ إلا أن يكونَ عاشَ معَها طويلًا، فهو يُحْسِنُ إليها بدونِ كدَرٍ وبدونِ مَنٍّ ثم إذا رأتْ شيئًا يسيرًا مزعجًا، قالتْ: ما رأيتُ منكَ خيرًا قطْ!
وفي هذا الحديث تنبيه على خطر كفران العشير، وهو وإن كان في النساء كثير لكن كثيرًا منهن فاضلات شاكرات، وإذا قلنا شاكرات فلا نعني بالشكر كلمة تخرج من طرف اللسان، لكن شاكرات شكرًا باللسان وبالأفعال أيضًا، كما قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
ولئن كان كفران العشير في النساء خصلة ذميمة فهو في الرجال موجود وهو أشد قبحًا، فليحذره الجميع.
فليكنْ المنهجُ هو الشكر لا الكفر! والعفوَ والصفحَ والإعراضَ عن الإساءةِ لا المؤاخذة بها لتَعُمَّ السعادةُ بيوتنا.
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر